فرنسا – السعودية!!

images
مقال/.. علي نصرالله
في زحمة الأحداث، وفي ظل الانقسامات والانحرافات والصراعات الإقليمية والدولية، يرتفع فجأة الصوت الفرنسي الداعي لعقد اجتماع دولي لإحياء عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين كتوطئة لمؤتمر يُعقد في الخريف القادم.
وبالتزامن مع الصوت الفرنسي المرتفع تذهب المملكة الوهابية لإحياء مبادرة رفضها شارون وورثته بإجراء تعديلات عليها تُشرعن الاستيطان والتطبيع، تبيع القدس، وتتخلى عن حق الفلسطينيين بالعودة، فما الرابط؟.‏
وزير خارجية فرنسا ثم رئيس وزرائها يُسجلان خلال أسبوع لقاءات مُكثفة مع قادة الكيان الإسرائيلي، وبالتزامن يتلقى نتنياهو وحكومته رسائل سعودية خليجية منحها – للأسف – بعض العرب زخماً إضافياً بالموافقة عليها وبتبنيها وبالتعبير عن الاستعداد للذهاب مع إسرائيل لمدى أبعد تحت عنوان التسوية وتحقيق السلام، فهل هناك حقاً من هو مُستعد للسلام في هذه الأجواء المحمومة، أم إن هذه الأجواء هي مثالية فعلاً لمن يمتلك الاستعداد الكافي لخيانة إضافية؟.‏
ليس عبثاً أن يرتفع الصوت الفرنسي في هذا التوقيت، وليس من المصادفة أن تتقاطع باريس مع رسائل السعودية والمُلتحقين بها، وليس من الإعجاز في شيء عودة الحياة لطوني بلير وللرباعية الدولية من بعد موت، فربما انتخبت الولايات المتحدة التوقيت انتخاباً لتدع الآخرين يحاولون بينما تكون هي من يرقب من بعيد، ومن يعمل في الظل لتثمير الحالة مع صعود الإدارة الجديدة.‏
مع السقوط العلني السعودي الخليجي في أحضان إسرائيل، ومع انحراف حماس، ومع انشغال آخرين بالمال الوهابي وارتهانهم له، ومع استمرار الحرب والعدوان على سورية ومحور المقاومة، لأميركا أن تعتقد بأن الوقت مناسب جداً لجعل إسرائيل تقطف، ولها أن ترى أن الظروف مُهيأة فعلاً لإنجاز ما لم تتمكن من إنجازه منذ أوسلو وما بعدها، وهي إذ لم تبد رد فعل واضح لملاقاة فرنسا والسعودية، فهذا لأنها ربما لا تريد إفساد الطبخة التي أوقدت تحتها.‏
لا شك أن أميركا وإسرائيل تعملان في الليل والنهار على رزمة أهداف واحدة، ويقيناً أن الغرب كوسيط قد قطع شوطاً إضافياً مع الأعراب في التهيئة لمرحلة جديدة تتقاطع فيها العلاقات على مُحددات إسرائيلية خالصة، غير أن هذه الأطراف مجتمعة قد تكتشف خيباتها مرة واحدة في المستقبل القريب حتى لو تهيأ لها أنها تتقدم بسرعة كبيرة نحو تحقيق أهم أهدافها، ودليلنا أنّ فلسطين بقيت حيّة رغم كل الخيانات التي مرت.‏
الخيانات العربية والأعرابية قد تترك آثاراً صعبة ومُرتسمات مُعقدة على ملامح المرحلة المقبلة، لكنها قولاً واحداً لن ترسمها، ذلك أن عمل أميركا في الليل والنهار ومعها الغرب وبقية الأدوات من أجل إسرائيل لا جديد فيه، وقد اشتغلت على ذلك مراراً وما تحقق لها ما تريد، ولن يتحقق، فالطرف الآخر الذي يحمل فلسطين في القلب والوجدان ما زال يعمل ويقاوم في الليل والنهار، ولديه الكثير ليقوله ويفعله اليوم وغداً.‏

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.