محاربة الإرهاب.. بون شاسع بين التصريحات والأفعال

قلم
كتب/.. أحمد حمادة
معادلة غريبة تلك التي تعكس تصريحات المسؤوليين الأمميين والغربيين حول مكافحة الإرهاب في المنطقة والعالم من جهة وسلوكهم تجاه هذه القضية من جهة أخرى، فالتصريحات تريد محاربة هذه الآفة الخطيرة التي تهدد المنطقة برمتها ومعها السلم والأمن الدوليين، أما الإجراءات والخطوات التي يتخذها هؤلاء والتي تسلكها حكوماتهم ودولهم فهي راعية للإرهاب وداعمة لتنظيماته، وفي أحسن الأحوال مواربة ومليئة بالتناقضات.‏

ومثل هذا الكلام ليس سببه محاولتنا شيطنة المسؤوليين الأمميين أوالغربيين بل هي حقيقة تؤكدها الوقائع اليومية على أرض الواقع، فها هو مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سورية ستافان دي ميستورا الذي طالما كان يؤدي دوراً سلبياً من الأزمة برمتها يدعو أخيراً إلى توحيد جهود مكافحة الإرهاب في سورية ويؤكد أيضاً على أن روسيا تقوم بدور مهم في هذا الإطار.‏
دي ميستورا نفسه الذي كان يضع العقبات أمام الحوار السوري السوري ويلمح إلى أشياء لا تنسجم مع مهمته كوسيط نزيه نراه اليوم يقول حرفياً يجب أن يتم القتال ضد تنظيم داعش بجهود الجميع بما في ذلك روسيا والولايات المتحدة والمجتمع الدولي، وإنه بعد مشاركة روسيا في الحرب على الإرهاب في سورية باتت موسكو تعتبر لاعبة مهمة ويجب أن ينظر إليها كذلك هنا.‏
أما على صعيد السلوك الأميركي من القضية برمتها فليست هناك مؤشرات حقيقية على تبدل جوهري في طبيعته المراوغة والأساليب التضليلية، فبعد أن خبر العالم التضليل الذي مارسته إدارة أوباما طوال السنوات السابقة والبون الشاسع بين تصريحاتها التي تدعو فيها إلى محاربة الإرهاب وبين سلوكها على الأرض الذي يدعم داعش ويتستر على جرائمها وتوسعها وتمددها، لا يمكن لهذا العالم أن يثق بتصريحات الفائز بالانتخابات الأميركية دونالد ترامب.‏
فترامب لن يخرج على ما يبدو عن إطار اللعبة ذاتها التي تحكم تلك السياسات المراوغة فهو يصرح منذ اليوم الأول بحملته الانتخابية أنه جاء ليحارب الإرهاب ويكافح تنظيماته المتطرفة، وبالأمس كرر الموقف ذاته خلال الاتصال الهاتفي الذي جرى بينه وبين الرئيس الروسي لبناء شراكة حقيقية بين البلدين في مجال مكافحة الإرهاب، وعلى توحيد جهودهما لمحاربته لكن الأقوال وحدها لا تكفي ومن سبقوه قالوا المفردات ذاتها وعملوا العكس على أرض الواقع.‏
وصرحوا بأشياء كثيرة لكنهم مارسوا سياسات أخرى مناقضة لأقوالهم وأقلها صناعة مثل هذه التنظيمات المتطرفة بدل محاربتها وتمويلها بدل تجفيف منابع إمدادها بالمال والسلاح.‏

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.